Admin Admin
المساهمات : 685 تاريخ التسجيل : 27/08/2007
| موضوع: مجموعة "قصة بسيطة جدا " لفيصل الزوايدي بقلم عبد ال الخميس أكتوبر 11, 2007 11:46 pm | |
| مجموعة قصصية لفيصل محمد الزوايدي بعنوان " قصة بسيطة جدا "
تقع مجموعة "فيصل محمد الزوايدي " القصصية في 66 صفحة و تحتوي سبع عشرة أقصوصة منها "دنيا " ، "بيني و بينك" ، "قصة بسيطة جدا " ، "يوم مع الذئاب"، "الجدار الأحمر " ، "بعوض في المدينة" ، "البداية " ، "حنين "، "انصراف " .. إل أن نصل إلى أقاصيص من قبيل "صديق" ، "تحية الإنسان " ، " الغروب " .. و من الواضح أنها المجموعة الأولى للمؤلف فلم يُذكر له في التعريف أي أعمال أخرى . إلا أن الأقاصيص التي نقراها تتميز فيما يبدو بطابع خاص و بلون يجعلها تنتمي إلى عالم مختلف عن كثير من الكتاب و المبدعين الآخرين .. ففي هذه الأقاصيص يتبين لي - شخصيا على الأقل - نوع من الثورة و نوع من النقمة ، و نوع من المرارة و التهكم . و رغم أنه لا يتسع المجال لاستعراض كل الأقاصيص بصفحاتها و أحداثها ، فإنه من الممكن أن نأخذ بعض النماذج و الأمثلة .. ففي أقصوصة " دنيا " نجد البطل يرحل دون أن ترحل الدنيا . كما نكتشف أن الدنيا إنما هي فتاة . و القطار هو أداة السفر و الرحيل . أما الظلمة فهي ظلمة العدم . و هكذا ينكشف لنا عالم هو أقرب إلى عالم من التشاؤم و اليأس و الإحباط . أما في أقصوصة " بيني و بينك " فإننا نقع على قصة الحياة و الموت في المستشفى ، أو قصة الوليد الجديد الذي يأتي و تاتي معه الحياة و لكن قد " يغتال الصبي أمه ؟" و بالتالي تصبح المعادلة الصعبة هي : أ يكون من الضروري أن تنطفئ روحٌ لتولد روحٌ أخرى ؟ أما في "قصة بسيطة جدا " و هي التي عُنوِنت بها المجموعة كلها فننا نكتشف قصة الشيخ المتعثر و الصبي و الفتاة القبيحة و الكتابة .. و لربما اختار الكاتب أن تكون هذه الأقصوصة هي الأهم نظرا لأنه يطرح فيها سؤال الكتابة " هذا السؤال وحده أرهقني ، أيقظ همي و استنفرني .. فها أنا الآن أمسك بالقلم ، و لكن ماذا اكتب ؟ هل أصدق مع نفسي فينكرني الناس ؟ أم أخسرني لأكسب الآخرين ؟ " و هذا الصراع الذي يدور في ذات الكاتب صراع مرير قد لخصه في الصدق و الكذب و فصل فيه بين ما هو ذاتي و ما هو للناس . و كان الكتابة لا تكون إلا أحد هذين اللونين فلا تلتقي في منطقة وسطى بين الهم الذاتي و الهم الموضوعي العام . و يأتي هذا السؤال الذي ربما راود كل مبدع و كل أديب " لماذا نتصور أننا متميزون و أننا نحتاج أفكارا استثنائية ؟و لماذا يظن كل عاشق دوما أن قصته لا مثيل لها ؟ " و بعد اليأس من الكتابة يرى البطل و هو السارد نفسه أن " أفضل السبل للإجابة عن أسئلة الحياة هي أن نحياها .. " و يصل إلى حد ترديد البيت القائل : لا يومَ أضيع قطّ من يوم امرئ يقضيه دون غرام ظبي فاتن إلا انه و للأسف يصاب بالإحباط مرة أخرى حينما يكتشف لأن الفتاة التي يعتقدها جميلة هي ليست كذلك . و يتحسر على لحظات الحلم التي مرت .. و يسال " كيف تتغير الحياة بين إقبال و إدبار ؟" كما يسال في خاتمة القصة السؤال المعتاد " و لكن لماذا اكتب ؟ " و عموما يمكن الحديث عن مجموعة قصصية تدور إحداثها في بيئات ، أو لنقل بيئة واحدة تتشابه المناظر الداخلية فيها ، بيئات يغلب عليها الحزن و البؤس و القتامة .. و ليس من الممكن المجازفة بالقول إن المسحة الكافكاوية موجودة في الكتاب إلا أنها مسحة مغلفة بكثير من الأسى الشخصي المتقوقع كثيرا على الذات . و لذلك لم يكن من المستغرب أن يكون الحضور الشبقي لافتا خصوصا في الأقاصيص الأولى .. و الأقاصيص في معظمها ذات بطل واحد غالبا ما يكون السارد و قد نجازف فنقول الكاتب ..و هو يدور في عالم من الوحدة و العزلة التي لا تبدو مبررة أحيانا . فعالم الشخصية الرئيسية عالم مغلق يمتلئ بالحوارات الداخلية التي لا تخلو من العنف في نوع من الميل الى المازوشية أو تعذيب الذات بالذكرى و المشاهدة و الاستذكار و تسليط الضوء على الجانب القاتم من الأشياء و الدنيا .. و في أقصوصتين على الأقل يحضر السفر إلى أوربا كامل في الانعتاق الاقتصادي و الاجتماعي و حتى الجنسي ، كما هو في أقصوصة " الرحيل " حيث ترد مثل هذه الجملة " هنالك بعيدا خلف سفَر طويل الى ارض الوجوه الشقراء و المال الوفير و المباهج .. " و في ذات الوقت يكون البطل قد ترك وراءه زهرة متفتحة " اتفقت عائلتان يوما على تزويجي منها فهي ابنة خالي .. " و ليسمح لي كاتب المجموعة أن أقول انه ثمة مرارة غير خافية في كل الأقاصيص بلا استثناء . فهل يعني ذلك أن عالم فيصل الزوايدي سيظل كذلك في المجاميع القادمة ، أم انه سيغير وقع الحزن و الأسى الشفيف إلى نوع من الانتصار و الفرح و يكون أكثر بهجة و إقبالا على الحياة و الأدب ، فلا يُلقي القلم "طلبا للسلامة و لا يمزق الورقة أيضا .. " و هو يقف حائرا عند لحظة الكتابة .. * المجموعة صادرة بتاريخ مارس 2007 عن دار قرطاج للنشر و التوزيع بقلم الروائي و الناقد التونسي : عبد القادر لطيفي | |
|